المطعم التايلندي المتنوع

ظل التراث الغني لفنون الطهي التايلندي إلى وقت قريب من الأسرار المحفوظة في تايلاند.وتم الاكتشاف بواسطة العالم الخارجي لأول مره مع تزايد الحركة السياحية في المملكة ,وفيما بعد أدي الرواج الكبير للمطاعم التايلندية التي تم افتتاحها في مدن مختلفة مثل لوس انجلوس ولندن ,وسدني ,وطوكيو إلى التعريف بالأطعمة التايلندية. وفي الوقت الحاضر فإن الزائر لتايلاند للمرة الأولي يمكن أن يكون له خبرة مسبقة بالنكهات المتميزة التي تجعل من الوجبة التايلندية أمراً لا يمكن نسيانه, ويرغب معظم الناس في زيادة معرفتهم بهذا المطبخ الفريد.

ويمكن أن يندهش الكثيرون عندما يكتشفون مدى تنوع الطعام وفنون الطهي التايلندي . وتتميز كل واحدة من المناطق الأربع الرئيسية بابتكاراتها الخاصة , التي تظهر في بعض الأحيان بعض التأثير الأجنبي الذي تم استيعابه عبر القرون و تم إكسابه دائماً نكهةً تايلندية مميزة .

المنطقة الوسطى

هذه هي المنطقة التقليدية التي تقع في قلب تايلاند ,وقد كانت السهول الخصبة الممتدة على طول نهر شاو فرايا المتعرج وقد كانت هي مهد تطور العديد من الوجبات المشهورة. وكانت الوجبات الأولى التي كان يتم تقديمها في العاصمة القديمة سوخوثاي , وجبات بسيطة نسبياً تتكون من الأرز الذي ينمو بكثافة في جميع أرجاء المنطقة , والسمك الطازج وبعض التوابل المحلية مثل الثوم والملح والفلفل وصلصة السمك. وتمت إضافة المزيد من العناصر المعقدة خلال فترة الأربعة قرون التي كانت فيها ايوثايا هي العاصمة. وتم إدخال الفلفل الحار الذي يعتبر الآن عنصراً أساسياً في ذلك الوقت من موطنه في قارة أمريكا الجنوبية , بالإضافة إلى الكزبرة والليمون الحامض والطماطم .

وكانت ايوثايا مملكة عالمية ضخمة حيث جذبت التجار ليس من المنطقة فحسب وإنما من أماكن بعيدة مثل الشرق الأوسط , أوروبا , الصين , الهند , اليابان , بلاد فارس و البرتغال وقد ساهم هؤلاء جميعاً في تنوع أطعمة المملكة , بالرغم من أن إسهاماتهم تم تغييرها بصورة غير مباشرة وتحويلها لتلائم الذوق التايلندي والاستفادة من العناصر المحلية

واستمرت هذه التطورات في بانكوك, التي أصبحت العاصمة في سنة 1782. وأصبحت الأطعمة الصينية أو بالأصح الأطعمة الصينية – التايلندية رائجة في ذلك الوقت خصوصاً وجبات المعكرونة. ويتم قلي معظم هذه الوجبات بالتحريك مثل وجبة (السبانخ المائي الذي يقلى بالتحريك) الذي يتم إعداده بسرعة على اللهب. كما تلعب الفواكه أيضاً دوراً هاماً في الوجبات

وينتج منتجو الفواكه في تايلاند أنواع جديدة وريانة من المانجو والديوريان والليمون الهندي.

الشمال

أن شمال تايلاند الذي يتقاسم الحدود مع لاوس وماينمار,كان مملكة مستقلة لفترة طويلة تسمى لوناثاي (أرض المليون مزرعة أرز) , وكان مفصولاً عن بقية تايلاند بسلسلة جبال عالية حتى خضع لحكم بانكوك في القرن التاسع عشر. وعبر هذه القرون التي كان يحكم خلال بعض منها بصورة تبادلية بواسطة ماينمار و ايوثايا ,طور الشمال ثقافته الخاصة التي مازالت مختلفة بصورة واضحة عن المناطق الأخرى , ليس فقط من ناحية اللغات والعادات ولكن أيضاً من ناحية الأطعمة وفنون الطهي.

ويفضل سكان الشمال نوعاً من الأرز اللزج الذي يتم طهيه بواسطة البخار بدلاً من الأرز الرقيق الذي يتم طهيه بالبخار الذي يفضله سكان المنطقة الوسطي , ويتم تشكيله على هيئة كرات صغيرة بواسطة الأصابع ويستخدم مع الأطباق الأكثر سيولة. ويظهر تأثير بورما في بعض الوجبات الشهيرة مثل وجبة كاينج هانج لو,وهي عبارة عن لحم الخنزير بنكهة الكري والزنجبيل والتمر هند والكركم , وكاوسوي , وهي عبارة عن حساء الكري مع البيض والمعكرونة واللحم ,الذي تغطيه شرائح الكرات والليمون. ويمتاز الكري الشمالي بأنه أكثر ليناً من الكري الذي يوجد في الأخرى من تايلاند, وهناك أطباق خاصة متميزة في بعض المناطق مثل ساي ــ يوا وهي عبارة عن سجق مصنوع من لحم الخنزير والتوابل ولحم الخنزير المقلي المقرمش بالإضافة إلى الفواكه لذيذة المذاق مثل لامياي (لونجان) وليشي التي تزرع في الكثير من البساتين.

وتعتبر وجبة عشاء كانتوك , وخان تعني الطبق وتوك تعني المائدة المنخفضة , الوجبة التقليدية في الشمال ,حيث يجلس الضيوف على الأرض لتناول الطعام حول هذه المائدة.

المنطقة الشمالية الشرقية

و هي عبارة تمتد إلى نهر الميكونج وتتقاسم الحدود مع كل من لاوس وكمبوديا, وتعتبر المنطقة الشمالية الشرقية من المناطق التي لا يعرف عنها الزوار الشيء الكثير. ومع ذلك فإن 1ـ سان كما تسمى تغطي ثلث مجموع مساحة تايلاند, وتحتوي على الكثير من المناظر التاريخية المثيرة للاهتمام ,وتتميز بثقافة وفنون طهي خاصة بها.

ويحب سكان المنطقة الشمالية الشرقية تناول طعامهم مضافاً إليه الكثير من التوابل ويعتبر الكثير من خبراء الطعام التايلندي بعض أطباق 1ـ سان من أطباقهم المفضلة. وتتضمن هذه الأطباق سوم تام (سلاطة بابايا ) , ولاب (اللحم المقطع المضاف إليه التوابل أو سلاطة الدجاج) وكاي يانج (الدجاج المشوي). كما أن أسماك المياه العذبة والربيان تلاقي رواجاً كبيراً ويتم طهيها عادة مع الأعشاب والتوابل. ومثل سكان المنطقة الشمالية

يفضل سكان 1ـ سان الأرز اللزج ويستخدمونه أحياناً كحلوي بالإضافة إلى كونه طبق ثابت في كل وجبة.

الجنوب

جنوب تايلاند عبارة عن شبه جزيرة طويلة تمتد إلى ماليزيا ويحدها خليج تايلاند وبحر اندامان. وتشتهر هذه المنطقة بشواطئها الرائعة ومنتجعاتها البديعة , كما تشتهر أيضاً بأطعمتها وفنون طهيها التي تلعب فيها الأطعمة البحرية الطازجة والوفيرة في المياه المحيطة دوراً كبيراً. ويتضمن ذلك الأسماك البحرية ,السرطان البحري , والحبار , والإسكالوب والمحار والأصداف. ويتم استخدام جوز الهند بصورة واسعة أيضاً , حيث يستخدم الحليب لتخفيف حرارة الفلفل في الحساء والكري , ويستخدم الزيت للقلي , كما يستخدم اللب مثل التوابل. وتتضمن الوجبات الإقليمية الخاصة الأخرى ثمار شجرة الكاشيو التي توجد في المزارع المحلية بالإضافة إلى الفواكه الأخرى مثل مانجوستين والأناناس الحلو الصغير والحبوب المسماة ساتو التي توفر نكهة ومذاقاً لاذعاً , والأطباق الجنوبية المتميزة مثل كاو يام نام بودو (الأرز مع صلصة السمك الجنوبية) والحساء المشبع بالتوابل مثل كاينج لينج (الكري الأصفر) و كاينج تاي بلا (الكري المشبع بالتوابل وأحشاء الأسماك).

يعيش معظم سكان تايلاند المسلمين في أقصى المحافظات الجنوبية ويظهر نفوذهم في الأطباق مثل كاينج ماسامان , وهو عبارة عن كري خفيف مضاف إليه الهيل , والقرنفل , والقرفة , و سا تي , وهو عبارة عن قطع اللحم مع صلصة الفول السوداني المضاف إليها البهارات.